تحت الشجرة النائية...في القرية البعيدة
قررت أن تخلق أفعالك بنفسك لأنك حر، والفعل الصادر عن حر نوعا من الخلق. لن تترك نفسك مرة أخري ريشة في مهب الريح. وستغرز مخالب فكرك دوما في الماضي. باحثا عن جذرك. وتحلق روحك من الآن حول كعبة الحاضر. باحثا عن النشوة. لن تهمل حدثا للصدفة. وستمزج عناصر حياتك داخل بوتقة الوعي الحسي. لتتخلي لأول مرة منذ ولدت عن قانون الصدفة وقواعد اللاوعي. وستخط معادلة حياتك بقلمك. كان ذلك بعضا مما توصلت إليه، يوم أن جلست تحت الشجرة النائية. في قريتك البعيدة. أمام بحيرة الماء الراكدة. حيث لا صوت يعلو فوق صوت الطبيعة. مراقبا لحظة غروب الشمس. بعد أن تخضبت الآفاق بحمرة المغيب. وظللت جالسا غير عابئ بقدوم ليل جديد. علي حياة ليست جديدة. بفكر محموم، وقلب ثائر، وليل ساهر، ارتفعت عيناك إلي السماء لتسح الدموع. وارتفع مد حنينك إلي الماضي حاملا معه أمواجا متدافعة من الشك. بعد أن هاج بحر اليقين في مستقبل مبهم. وساءلت قلبك. لماذا أنت جائع ؟!!! وماذا عساني أقدم لك ولا أجد غذاءك؟!!! ثم أعدت النظر إلي السماء. وانتبهت لمواقع نجوم أقسم بها ربها. وأضاء القمر صفحة البحيرة الراكدة. وأعجبك مشهد طبيعة كنت بعيدا عنها. فخرست جميع الأصوات بداخلك. فلا الأنا المتألهة عادت تئن. ولا النفس ذات الفجور والتقوي تتنفس. حتي زحف صمت مريح قادم من الآفاق باتجاهك. فلا عدت تسمع شقشقة طيور ولا زقزقة عصافير. وكأن الكون قد نام. ومع هذا الصمت، شعرت أن الخريف يجتاح ما حولك مع أنك لا تزال في ربيع عمرك. وفجأة. وعلي غير توقع منك. إذا بوجهك تعلوه ابتسامة مبهمة. بعد أن غازل خيالك شيئا لم يوجد بعد. وإذا بك تمسك به. متعلقا بأهدابه. حتي اشتعلت جوانحك لوعة إلي اللاشيء. ولتخفيف اللوعة. وضعت يدك علي قلبك. تحاول أن تنفض عنه الغبار. وكان الغبار أكثف من أن يزول بنفضة واحدة. فتركت القلب والغبار. لتتموج آفاق عقلك بأمواج متلاطمة من الذكريات. حتي جاءك الأمل وسط عاصفة اليأس الهوجاء. فألقيت القبض عليه بتهمة التحرش بقلب لم يعد بكراً. إذ كان قد تخاطفه قبل هذا الأمل، ألفُ أملٍ وأمل.